إتفقناعلى نزهة في هذا اليوم, كانت الإختيارات ما بين المركز التجاري الجديد بحي التجمع الخامس أو الملاهي الجديدة بحي السادس من أكتوبر, لم أكن مُتشجعه بما فيه الكفايه لمثل هذه النُزهات التقليدية التي تُعطي بعض المُتع الوقتية ثم تذهب مع الأيام و لا يعلق مِنها شئ في الذاكرة, كان شعور مُتازايد بعدم الإنتماء و الغضب يُداهِمنا في الأيام الماضية جعلني أُغير كُل خِطط الصغار, إذ فجأة فتحت اللابتوب و بحثت بين المتاحف القريبة, حتى عثرت على خريطة تفصيلية لمكان (متحف الفن الإسلامي).
الطريق في شارع الأزهر و وسط المدينة بالنسبة لسائقة عصبية مثلي كان كارثة حقيقية, بعد مُعاناه وصلنا للمتحف الذي كان خالي إلّا من العاملين فيه رغم الزحام و الضجيج الكبير في الخارج, أنا بطبعي لست من هواة زيارة المتاحف أو الآثار أُفضّل الأماكن المفتوحة المُلوّنة بالطبيعة, لكن شئ ما بداخلي كان يُريد أن يتعّرف على الماضي, الحاضر يئست من صدقه معي و المستقبل لم أعد أفكّر فيه, لكن ماذا عن الماضي, ألا يُريد أن يُخبرنا بشئ.
المتحف كان على مستوى عالي و غير متوقّع من الأُبّهه, في المدخل كان مُصحف كبير مكتوب بخط اليد, خط رقعه بسيط و غير واضح إلّا بالتدقيق, و على الجنابات كانت قطع فنيه و معمارية من العصور القديمة, لوحات كبيرة تشرح العصور الإسلامية بالتفصيل, البدايات القوية, الفتوحات, الهيمنة, التطوُّر, التوسُّع, النهوض بالفنون (الفنون باللذات) ثم الطريق إلى السقوط, حتى الضعف الكامل و الفناء, هكذا كانت كل العصور, الأموي, الفاطمي, الأيوبي, المماليك, و حتى الإمبراطورية العثمانية, إختلفت الحِقب و المُدد, و بقى السقوط هو مصير كل عصر, و بِدأ عصر جديد أقوى.
أعترف أني ضعيفة في التاريخ, رُبما لأن آخر عهدي به في الدراسة كان في فترة الإعدادي, لكن هذه الزيارة للمتحف جعلتني في شوق لرؤية و معرفة المزيد, و عزمت على القراءة عن التاريخ المصري و الإسلامي, صحيح أن قراءة معلومات مُباشرة في غير سياق أدبي تُضجرني, لكن هذا العالم البديع يستحق محاولة القراءة عنه.
صدمتني الحضارة التي رأيتها, خاصة الفنية التي تجلّت في الرسم و النحت و الصناعات اليدوية البديعه, لفت نظري ذوقهم البسيط الرفيع في بعض المجوهرات و قطع الزينة, رسم الراقصات على جدران الحمامات و الأعمدة, حواجبهن المُتصله و رِقّة زينتهن, عرفت أنهن راقصات من اللوحات التوضيحية فقط و ليس من مظهرهن, المشربية الأنيقة, المعمار المُتقن, الأواني المُزخرفة, السيوف المُطعّمه بالماس, الساعات الرملية, الخرائط التي توضح أوقات الصلاة بحسابات بسيطة, كُل شئ كان يدُل على ذوق و حِرفية...و روقان :) رغم الحروب و القوة و الضعف, لكن الإتقان كان غالب على كل شئ.
أعظم ما رأيت كان هذه الآثار الطبيّة العتيقة, أوراق قديمة تتضمن رسومات للتشريح الكامل لجسم الإنسان و معلومات طبية حديثة, و وصفات طبية مكتوبة بخط هو في حد ذاته فن!, أدوات تشريح و خيوط جراحية و مقصات مٌزيّنة بأحجار كريمة و مشارط و موازين و معايير دقيقة, حضارة مُشرّفة في وقت كانت تُعاني فيه أوروبا من الظلام و الجهل, هكذا كانت الدول الإسلامية و هكذا كانت مصر!
تذكرت عمرو خالد في أحد دروسه القديمة عِندما كان يُشبِّه المصريين اليوم بِسِمبا في فيلم الأسد الملك "أسد لا يُدرِك حقيقته و يعيش حياة الحيوانات البرّية الضعيفة و يقول في وجه المِحن هكونا ماتتا..أي لا شئ يُهم", كان عمرو خالد يقول للشباب حتى يفيقوا من سلبيتهم و إنهزامهم (إنت أبوك كان أسد..!) نعم و لقد رأيت الأسد في المتحف, خرجت و أنا موقنه تماماً أن أجدادنا و أسلافنا كانوا أسود, فلماذا نرضى بأدوار أقل في الحياة!
آمن صغيري أيضاً كان مبهور و فخور, على عكس ما توقعت وجدته سعيد و شغوف بِكُل قطعة و تاريخها, بل و خياله أخذه لأبعد من هذا و راح يسألني على ما وراء الأشياء و على قصص نسجها, و حقائق أراد أن يعرفها, حاولت أن ألتقط صورة في البداية ففوجئت بأن التصوير ممنوع!, تُزعجني الممنوعات الغير مُبرره, لذلك إنتهزت فُرصة غياب المُرشدين و ضبطت الهاتف على الوضع الصامت و إلتقطت عِدة صور, فإذا بأحدهم يستدعيني و يُخبرني أنه رآني في الكاميرات و أنا أُصوّر :) المُهم أنّي إحتفظت بالصور, و إحتفظت بهذ الأثر الجميل الذي تركه المتحف على روحي.
أخبرني التاريخ هُناك بِسرّ صغير: أننا شعوب تنساق لِحكّامها طالما كانو أقوياء و أننا نُغيّر إتجهاتنا العرقية و الدينية بما يتناسب مع القوة المُهيمنة الجديدة, بِمبدأ أثير يقول (اللي يتجوز أُمّي أقوله يا عمّي :))
المُهم..
وعدت آمن بزيارة قريبة لقلعة صلاح الدين الأيوبي :)
الطريق في شارع الأزهر و وسط المدينة بالنسبة لسائقة عصبية مثلي كان كارثة حقيقية, بعد مُعاناه وصلنا للمتحف الذي كان خالي إلّا من العاملين فيه رغم الزحام و الضجيج الكبير في الخارج, أنا بطبعي لست من هواة زيارة المتاحف أو الآثار أُفضّل الأماكن المفتوحة المُلوّنة بالطبيعة, لكن شئ ما بداخلي كان يُريد أن يتعّرف على الماضي, الحاضر يئست من صدقه معي و المستقبل لم أعد أفكّر فيه, لكن ماذا عن الماضي, ألا يُريد أن يُخبرنا بشئ.
المتحف كان على مستوى عالي و غير متوقّع من الأُبّهه, في المدخل كان مُصحف كبير مكتوب بخط اليد, خط رقعه بسيط و غير واضح إلّا بالتدقيق, و على الجنابات كانت قطع فنيه و معمارية من العصور القديمة, لوحات كبيرة تشرح العصور الإسلامية بالتفصيل, البدايات القوية, الفتوحات, الهيمنة, التطوُّر, التوسُّع, النهوض بالفنون (الفنون باللذات) ثم الطريق إلى السقوط, حتى الضعف الكامل و الفناء, هكذا كانت كل العصور, الأموي, الفاطمي, الأيوبي, المماليك, و حتى الإمبراطورية العثمانية, إختلفت الحِقب و المُدد, و بقى السقوط هو مصير كل عصر, و بِدأ عصر جديد أقوى.
أعترف أني ضعيفة في التاريخ, رُبما لأن آخر عهدي به في الدراسة كان في فترة الإعدادي, لكن هذه الزيارة للمتحف جعلتني في شوق لرؤية و معرفة المزيد, و عزمت على القراءة عن التاريخ المصري و الإسلامي, صحيح أن قراءة معلومات مُباشرة في غير سياق أدبي تُضجرني, لكن هذا العالم البديع يستحق محاولة القراءة عنه.
صدمتني الحضارة التي رأيتها, خاصة الفنية التي تجلّت في الرسم و النحت و الصناعات اليدوية البديعه, لفت نظري ذوقهم البسيط الرفيع في بعض المجوهرات و قطع الزينة, رسم الراقصات على جدران الحمامات و الأعمدة, حواجبهن المُتصله و رِقّة زينتهن, عرفت أنهن راقصات من اللوحات التوضيحية فقط و ليس من مظهرهن, المشربية الأنيقة, المعمار المُتقن, الأواني المُزخرفة, السيوف المُطعّمه بالماس, الساعات الرملية, الخرائط التي توضح أوقات الصلاة بحسابات بسيطة, كُل شئ كان يدُل على ذوق و حِرفية...و روقان :) رغم الحروب و القوة و الضعف, لكن الإتقان كان غالب على كل شئ.
أعظم ما رأيت كان هذه الآثار الطبيّة العتيقة, أوراق قديمة تتضمن رسومات للتشريح الكامل لجسم الإنسان و معلومات طبية حديثة, و وصفات طبية مكتوبة بخط هو في حد ذاته فن!, أدوات تشريح و خيوط جراحية و مقصات مٌزيّنة بأحجار كريمة و مشارط و موازين و معايير دقيقة, حضارة مُشرّفة في وقت كانت تُعاني فيه أوروبا من الظلام و الجهل, هكذا كانت الدول الإسلامية و هكذا كانت مصر!
تذكرت عمرو خالد في أحد دروسه القديمة عِندما كان يُشبِّه المصريين اليوم بِسِمبا في فيلم الأسد الملك "أسد لا يُدرِك حقيقته و يعيش حياة الحيوانات البرّية الضعيفة و يقول في وجه المِحن هكونا ماتتا..أي لا شئ يُهم", كان عمرو خالد يقول للشباب حتى يفيقوا من سلبيتهم و إنهزامهم (إنت أبوك كان أسد..!) نعم و لقد رأيت الأسد في المتحف, خرجت و أنا موقنه تماماً أن أجدادنا و أسلافنا كانوا أسود, فلماذا نرضى بأدوار أقل في الحياة!
آمن صغيري أيضاً كان مبهور و فخور, على عكس ما توقعت وجدته سعيد و شغوف بِكُل قطعة و تاريخها, بل و خياله أخذه لأبعد من هذا و راح يسألني على ما وراء الأشياء و على قصص نسجها, و حقائق أراد أن يعرفها, حاولت أن ألتقط صورة في البداية ففوجئت بأن التصوير ممنوع!, تُزعجني الممنوعات الغير مُبرره, لذلك إنتهزت فُرصة غياب المُرشدين و ضبطت الهاتف على الوضع الصامت و إلتقطت عِدة صور, فإذا بأحدهم يستدعيني و يُخبرني أنه رآني في الكاميرات و أنا أُصوّر :) المُهم أنّي إحتفظت بالصور, و إحتفظت بهذ الأثر الجميل الذي تركه المتحف على روحي.
أخبرني التاريخ هُناك بِسرّ صغير: أننا شعوب تنساق لِحكّامها طالما كانو أقوياء و أننا نُغيّر إتجهاتنا العرقية و الدينية بما يتناسب مع القوة المُهيمنة الجديدة, بِمبدأ أثير يقول (اللي يتجوز أُمّي أقوله يا عمّي :))
المُهم..
وعدت آمن بزيارة قريبة لقلعة صلاح الدين الأيوبي :)
هناك 9 تعليقات :
اولا من تجربة سابقة
الاماكن دى بتعجب الاطفال عن تجربة شخصية فى الاقصر و اسوان
و فى النتحف المصرى لدرجة ان زياد و ساليناز مكنوش عايزين يمشوا
بتتكلمى عن متحف مبناه نفسه اثر و تاريخ و له تاريخ كبير فوق المائة عام و كل حاكم ساب بصمة عليه
لا يا شرين احنا شعب صعب التغيير
و التاريخ بيشهد الرومان حبوا ينشروا مذهبهم و حاولوا بكل الطرق و وصلت الى القتل و التعذيب لدرجة ان القساوسة هربوا الى الجبال وعشان كده تلاقى معظم الاديرة فى قلب الجبال
كمان الاسلام بعد افتتاح عمر بن العاص لمصر قعد 80 سنة لحد ما انتشر
و الامويين حاولوا ينشروا المذهب الشيعى و انشاوا الجامع الازهر لكى ينشروه
ما هى النتيجة
تحول الجامع الازهر لمنارة السنة فى كل العالم
و العثمانيين و الفرنسيين و الانجليز و انظرى لتاثير الانجليز و الفرنسيين على الدول الافرقية و شمال افريقيا و تاثيرهم على مصر
احنا اللى خلناهم يتكلموا عربية و يعلنوا اسلامهم و يتجوزوا مصريين
و على راى جاهين
هل مصر موميا جميلة صورتها فوق النعش
يعشقها مجنون ينادي عليها ولا تطلعش
هل مصر نار صفصفت والنفخ فيها محال
والأرض نشعت على رمادها استحال أوصال
سألت أنا الرافعي كان عجٌز ولا بيسمعش
لكن عينيه كانوا يحكولي قصص ما اشبعش
يقولولي ماتخافش مصر بخير وعال
العال مصر الجبرتي
ومصر الرافعي حال غير الحال
انظر محمد فريد أعظم وأرقى مثا
لعلى اسم مصر
أنا اللي مشيت ادوٌر باشتياق وحنين
على مصر .. والمشي خدني من سنين لسنين
لحد ماسنيـنهـا وسنـيني بقم واحد
وعاصرتها يوم بيوم لم فاتني يوم واحد
وحضرت شاهد عيان مولد وموت ملايين
مازعلت من كلمة قد البركة في الجايين
مين هم دول يا جدع .. ما توحد الواحد
البركة فينا وفي السامعين بالواحد
زى ماقال الرافعى
مصر بخير و عال
و زى ما قال جاهين
البركة فينا و فى امن و جورى و زياد و ساليناز و سولينا و كل الموجودين
تحياتى
هو تقريبا تعليق الأستاذ إبراهيم ماسبش حاجة ممكن نقولها!
عشان كدة هأتناول نقطة واحدة، أو السؤال اللي حضرتك طرحتيه، جدودنا كانوا أسود ليه إحنا رضينا بدور أقل؟
هو يمكن سؤال صعب الإجابة عليه، ويمكن سهل الإجابة عليه. يمكن كلنا هنقول لإننا إهتمينا او ركزنا إهتمامنا في شؤون تافهة وصراعات دينية وإجتماعية وسلطوية قادتنا جميعها إلى الحضيض في الوقت الذي كان الغرب فيه يأخذ تراثنا وأقام عليه حضارة علمية عظيمة.
يمكن مش دي الإجابة الصحيحة، وفي أسباب كتير، ويمكن لو عرفناها من أطراف غيرنا نحن العرب، هنشوف الصورة اوضح. وأنا بأحاول أقرأ وجهة نظر غربية في الموضوع ده، في كتاب عنوانه The rise of early modern science. Islam, china, and the west. لدكتور أميركي في جامعة ماساشوستس إسمه Toby Huff ، وهو في الكتاب ده بيحاول يجاوب على سؤال ليه العلم الحديث ظهر وترعرع في الغرب ومش في بلاد العرب والصين إللي كانوا متقدمين علميا جداً في العصور الوسطى اللي كان الغرب فيها متخلف وفي ظلام؟.
أتمنى أقدر انهي الكتاب وأكتب تدوينة عنه.
..
أشكرك دكتورة.
..
لسه مخلص كتاب أسمه "صور ومظالم من عصر المماليك" للمرة التانية،
قرأت الكتاب للمرة التانية لأنه شدنى جداً، ولأول مرة أستخدم قلم أثناء القراءة علشان أحدد مقاطع عجبتنى وغالباً هاشاركها مع الناس :)
أنا مغرم بالتاريخ،
وزيارات المتاحف فسح مفيدة ومبهجة للأطفال على عكس المتوقع من الأباء.
تحياتى لك
جميل جدا ...وفعلا الاطفال بيستمتعوا بالخروجات اللي بتعرفهم على اشياء ومعلومات جديده وبيتحركوا وبيتعلموا لكن الحق علينا نحنا اللي بنحصرهم في مجالات ضيقه في الالعاب الالكترونيه او الكهربائيه او المولات ! وبنعودهم على نمط واحد من الخروجات !
استمتعت جدا بموضوعك الواقعي جداً وبتعليقات ابو زياد وأحمد :)
** أظن ان ابو زياد قصد الفاطميين بدل الامويين و اكيد أنه كتب التعليق قبل ما يفطر فطاره المعتبر هههههههه
نيسآان يقول...
تصدقى و الله العظيم بجد
هههههههههههههه
انا مش بفطر الفطار المعتبر غير يوم الجمعة
ههههههههههههه
انا كنت قايم من النوم فعلا اقصد الفاطميين
الا بنى القاهرة اصلا شيعى و هو جوهر الصقلى
إبراهيم رزق:
أقتنعت :)
بس لما تشوف توجهات مختلفه حكمت البلد و فكل مرّة الناس بتبقى فرحانه و راضيه تستغرب!
لكن أنا معاك في كل كلمة إحنا شعب بيترك أثره و لا يتأثّر بأحد فقط عِندما يعتبره عدو :)
تعليقك أضاف كتيييير للبوست
كل التقدير و الإحترام لك
و سلامي لأسرتك الجميلة
أحمد أحمد صالح:
أنا اللي بشكرك يا أحمد على مناقشتك الرائعة و إضافتك و محاولتك لإجابة سؤالي..و هنتظر منك تدوينة عن الكتاب..و أستأذنك عشان أنا بتوه في النص :) تبعتلي لينكها لما تنشرها.
أشكرك مرة تانية و كل التقدير لك
الحسيني:
هحاول أدور على الكتاب واضح إنه مُلهم :) و هستناك لما تكتب عنه.
هي فعلاً كانت مُبهجة للصغر و الكُبار كمان :)
بيسعدني كتير تواجدك
نورتني
نيسان:
هههههههههههههه
عايزة أقولك إن تعليقك ضحكني ضحك السنين :)
مبسوطه إن التدوينة عجبتك و بالفعل إحنا اللي لازم نخرجهم من إطار إهتمامات الأطفال العادية لأن المعرفة فعلاً بتمني القُدُرات و الخيال.
نورتيني يا جميل
إرسال تعليق