الاثنين، 16 سبتمبر 2013

أحببت درويشاً

الحبُّ هو العلّة، الحبُّ هو المعلولُ

كان مساءً آخر مُمِل في ساعات الحظر, و كنت أبحث بين رسائلي كالعادة عن شئ من السعادة أفتقده في عملي الذي أصبح كابوساً هذه الأيام, و في حياتي المُزدحِمة بالأعباء, و جدت رسالة إلكترونية من أختي, تصورت أنها تُخبرني كعادتها عن موقع جديد لفساتين السهرة أو عن مواقع لتربية الأطفال, و أنا لا أدخل هذه أو تلك, لكني فوجئت أن الرسالة تحمل ملف إسمه "قواعِد العشق الأربعون", تسمّرت أمام الإسم الذي لفّ روحي, و تحت الملف رسالة أختي التي تقول أنها رواية جميلة لم تقرأ منها سوى عشرة صفحات و لا تنوي قراءتها كلها لكنها تشعر أنها ستُعجبني, فتحت الملف فحفظته دون قصد على هاتفي..و بدأت القراءة فوراً.
إكتشفت بعد قليل أني أمام رواية صوفية, و رُبما لو كُنت أعرف هذا مُسبقاً ما كُنت قرأتها.

ربما لأنني لم أكن أعرف عن الصوفية الكثير و لم أكن مُتحمسة لأن أعرف عنها فأنا لا أؤمن أن الروحانيات تُغني عن التدين الحقيقي بأخلاقه و عباداته, لم أقتنع يوماً أن الرقص صلاة, فالرقص متعة و فن أمّا الصلاة فمُناجاه و تضرع و وصل مع الله (أُحب نفسي عندما أُفكّر بطريقة أكاديمية يغلبها المنطق..و أكره الأخرى التي ما أن يلعب الهواء بثوبها حتى تظُن نفسها تطير)إلى أن قرأت و إستطعت أن أرى الصوفية بشكل مختلف, فكما أن إضافة الشغف للحب يجعله عشقاً, و إضافة الشغف للعمل يجعله هوايةً, و إضافة الشغف للأفعال يجعلها تنبض بالحياة, هكذا هي الصوفية, إضافة الشغف للعبادة.


سعيدة بهذا الإكتشاف و كأن مُفاجأة سارة كانت تنتظرني في هذه الرواية, فبعيداً عن أسلوب الكاتبة الساحر و كونها رواية ذاتيه رغم كثرة الشخصيات, و بعيداً عن الفلسفة و المفرادات القوية المميزة, و المقولات الفاتنة لجلال الدين الرومي أو شمس التبريزي, إلّا أن أكثر ما يميزها عندي أنها رواية مُلهمه, و هذا النوع من الروايات هو من أكثر ما يسعدني في الحياة, و لا أنساه أبداً, و الصوفي الذي عرفته من الكتاب يجاهد نفسه ليكون أكثر طاعة و قرب لله و لا يُلحق الأذى بأحد مهما كان, شعرت أن كل إنسان يُفكّر بمشاعره و به إيمان حقيقي لابد أن جزء منه صوفي, بسيط, لا يخشى في مشاعر حُبه أحد إلّا الله, يبحث عن الشغف, يتحمّل, يتسامح, و لا يقول كلمة نابية أو جارحة لأحد.

الرواية تتحدث عن أصعب و أجمل ما في الوجود..عن العشق, و عن الرفقة بين جلال الدين و شمس, التي أثبتت بالدليل أن الأضداد تتجاذب, و أن كل إمام يحتاج لدرويش و كل درويش لا يكتمل إلّا بإمام, لذلك أنا مستمتعه بقراءتها, أشعر كأني أطير فوق السحاب, عادة أنا إنسانة قليلة التركيز لكن عندما أفعل شئ أحبه أضع كل تركيزي فيه, لذلك عندما يُحدثوني و يقطعوني عن قراءة رواية من هذا النوع الذي يجعلني أحلم, أنظر لهم بإستغراب و كأني أتعرّف عليهم و أسألهم "من أنتم؟" :), لم أنتهي منها بعد, فمشكلتي مع الأشياء التي تُعجبني أني أتوقف عندها كثيراً و أعيد قراءة كل فصل و مقطع ببطأ شديد كأني أحتسي الكلمات الدافئة, و أتغاضى عن بعض الأشياء التي لم تتفق معي.

وجدت نفسي أُحِب شمساً و أُحِب عزيزاً و هما شخصان بروح واحدة مُمتده, أُحب هذا الشخص المُلهم, القوي في عقيدته, المؤمن بضرورة الشغف, هذا الرجل الغريب الذي يصعق الناس بإختلافه و حضوره و نظرته الثاقبه و روحه الأخّاذة, هذا الرجل الذي لا يأبه بشئ و لا يخشى إلّا الله, لا يظلم و لا يُسيئ لأحد, هذا الرجل الذي عرّفني على قواعد العشق الذي لا يرتبط بمحبوب, و جعلني أكتشف أن العشق لا يحتاج لمعشوق من لحم و دم, العشق هو الحالة هو القلب الذي يخفق و الروح التي تهيم, أحببت هذا الدرويش الذي يدور فيدور معه الكون.

و أحببت هذا العزيز الذي عشق زوجته و أخلص لها و ظلت في قلبه, أحببته الكاتب المُتجوّل, المُصوّر الذي يقوده شغفه بالحياة لأصقاع الأرض, أحببت رسائله المُفعمة بالإحساس و الإلهام لهذه المرأة التي إكتشفت نفسها بوجوده و نبتت لها أجنحة, لطالما تأسرني الرسائل بين حبيبين, خاصة عِندما تكون مُثيرة للسعادة و الحب, تكشف عن وجوه أُخرى مُبهجه في الحياة, و ليس هذا الحُب الشرقي التقليدي المُتعارف عليه المُرتبط بالعذاب, لكنه نوع من المشاعر تُضيف للإنسان أيام و ليالي و أحلام..تجعله يتنقس.

بحثت في كل مكان عن الرواية مطبوعة, أردت أن أحتفظ بها و أردت أن أكتب على طرف الصفحة الأولى إهداء بسيط, أكتبه لشخص ليس له وجود إلّا في خيالي, سأكتب له بخطي الطفولي

"لأنك أنت الشمس و أنت العزيز"


**************
كتبت صديقتي وجع البنفسج عن الرواية هنــــا
و هنــــــا الإقتباسات

هناك 18 تعليقًا :

Emtiaz Zourob يقول...

هو هذا ريفيو عن الكتاب ؟؟!!

لا اعتقد ذلك .. ما اعتقده بأنك وقعت في عشق وغرام هذا الكتاب بروحك الصوفية البسيطة التي تقبع بداخلك دون معرفتك بذلك !

لذلك خرجت كلماتك تلك بكل هذه العذوبة والرقة والتي لا يستخدمها إلا العاشق عندما يتغنى ويتغزل بمعشوقه ..

أبدعتِ يا صديقتي في وصفك للكتاب ، وشكراً لـ اللفتة الجميلة منك بحقي .

Hayat يقول...

" فكما أن إضافة الشغف للحب تجعله عشق, و إضافة الشغف للعمل تجعله هواية, و إضافة الشغف للأفعال تجعلها تنبض بالحياة, هكذا هي الصوفية, إضافة الشغف للعبادة

مشكلتي مع الأشياء التي تُعجبني أني أتوقف عندها كثيراً و أعيد قراءة كل فصل و مقطع ببطأ شديد كأني أحتسي الكلمات الدافئة, و أتغاضى عن بعض الأشياء التي لم تتفق معي

يصبح الكون مختلفا عندما تعشق النار الماء"


رؤية متميزة
لرواية تستحق القراءة بل الغوص في أحداثها

دمتِ مبدعة عزيزتي :)

Bent Men ElZman Da !! يقول...

شوقتوني جدااا للرواية دي
أعتقد إنه حان الوقت بعد تعليقاتكم أقرر اقراها قريب :)

Mostafa gazar يقول...

100000000000000000 مبروك استعادة حدوته مصريه .....متتخيليش انا كنت زعلان اد ايه ......و 100000000000 مبروك الانطلاقه المتميزه ذات مره .......و الى الامام دائما ,.......ناوى أبحث عن الروايه فى سور الأزبكيه .....شوقتينى لقرائتها .......تحياتى واحترامى :)

أسماء فتحي يقول...

وصفك للكتاب ساحر ومميز
يجبرنا علي قرائته في اعاجل

دمتى منورة بلوجر
تحياتي

ابراهيم رزق يقول...


“كنت أسمع اسمي ولا أري نفسي،
كنت منشغلا بنفسي، لكني أبدا لم أكن مستحقا لها
وحين كان و خرجت من نفسي....
وجدت.. نـفسـي”
رباعية من رباعيات جلال الرومى

أهل الهوى قسمان: قسم منهمو """ كتموا، وقسمٌ بالمحبة باحوا
فالباحئون بسرهم شربوا الهوى """ صرفاً فهزهموا الغرام فباحوا
والكاتمون لسرهم شربوا الهوى """ ممزوجةً فحَمتْهمو الأقداحُ
السهرودى المقنول

شغلت قلبي عن الدنيا ولذتها """ فأنت والقلب شيء غير مفترق
وما تطابقت الأحداق من سنة """ إلا وجدتك بين الجفن والحدق
سمنون المحب

رغم انى اعشق الموالد واحضرها الا انى احب الموالد بعين صلاح جاهين الجانب الفلكورى منها
و رغم ان زوج اختى رحمة الله عليه كان ينتمى الى احدى الطرق الصوفية الا انى كنت اتبنى وجهة نظرك حتى دعانى مرة و حضرت احدى الحضرات التى كان يقيمها بمنزله فوقعت فى غرام الصوفية
يا الله مت هذا الهدوء و الجمال و الحب المتبادل بينهم
ما هذا الحب لله و رسوله و ال البيت و اولياء الله الصالحين
ما هذه الالفة و المحبة و التواضع والاحترام بينهم جميع اطياف المجتمع المهندس و الطبيب و الدكتور الجامعى و العامل و السائق ينشدون اجمل اشعار الحب الالهى جميعهم مبتسمون راضون لا يسبق اسم اى احد فيهم الا بلقب شيخ
الصوفية هى حب و استمتاع بالحب بعد العبادة
لو اتكلمت عن الصوفية هتكلم كتير قوى وهرغى كتير قوى قوى قوى

مبروك عودة المدونة و يا ريت يا شرين تنشرى هناك بوستاتك على ان نكون هذه المدونة سكينتك و هدوءك عشان اغلب متابعينك هناك و جديدك يظهر على الريدر

تحياتى

أحمد أحمد صالح يقول...

بداية، ألف مبروك دكتورة على إسترجاع حدوتة مصرية، وأنت الأن تحملين مسؤولية نشر ما تريدين حيثما تريدين، ونحن من يفوز بثمرة القراءة والإستمتاع في كليهما!
..
قرأت عرض الرواية والإقتباسات التي قامت به الأستاذة امتياز وأستمتعت به جداً وتمنيت أن احصل على نسخة ورقية من الرواية، خاصة أنني كسول جداً وربما فاشل في موضوع القراءة الاليكترونية!
وربما أن موافق على تعليقها اعلاه بأن هذا ليس عرض للرواية بقدر ما هو يمثل عرض يبين التماس والإنسجام بين الروحية والصوفية في الرواية وبين الصوفية في روحك الساكنة في أغوار نفسك.
..
دوما أقرأ وأجدني ربما دوما عاجز أن أعلق. فإن لم أترك أثر فإن هذا لا يعني أنني لم أكن هنا. ووجودي هنا يزيدني علم وسعادة وشرف بكل تأكيد.
أشكرك دكتورة.

نيسآان يقول...


اسم الروايه متداول جدا هاليومين على الفيس ...اقتباسات ومراجعات. و حملتها من يومين و سأبدا بقراءتها قريبا.
بس الحق يقال اسمها مغري جدا ...ويا ريت تقدر تخليني احلم انا كمان :)

قراءه حالمه ممتعه اتمناها لكِ :)

شيرين سامي يقول...

وجع البنفسج:

أكيد طبعاً مش ريفيو :)
ده أنا حتى لسه في نص الرواية
إنتي صح أنا وقعت في غرام الرواية بشكل كبير لدرجة مش عايزاها تخلص :)
ربنا يخليكي يا إمتياز أكيد مش أفضل من وصفك الرائع..أنا بس كتبت عن شئ أضاف لي بعض الشغف

شرفتيني كتير بزيارتك :)

شيرين سامي يقول...

حياة:

أشكرك يا حياة و بالفعل هي تستحق القراءة

دمتي بألف خير :)

شيرين سامي يقول...

بنت من الزمن ده:
:)
هتعجبك يا دينا
و إبقي قوليلي رأيك

نورتيني يا جميل

شيرين سامي يقول...

مصطفى جزر:

الله يبارك فيك :)
رجعت بكرم ربنا و الله
وجودك بيزيد الكتابة تألق
أشكرك بجد
أنا عرفت من صديق إنها في عمر بوك ستورز في وسط البلد

كل التقدير لك :)

شيرين سامي يقول...

أسماء فتحي:

أشكرك يا اسماء
وجود أسعدني :)

شيرين سامي يقول...

إبراهيم رزق:

الله هديتك المره دي مميزه فعلاً :)

أنا عجبتني الرواية و الصوفية زي ما عرفتها منها..لكن محتاجه أقرى تاني عنها..أمّا إنتمائي فأنا الحمد لله لا أنتمي لشئ و لا أنوي ممكن أُعجب و أنتقد بس :) حٌرّه :)

ممكن تكتب بوست عنها حابه إني اسمع أكتر منك..
مش عارفه مش مهم الموضوع يتقري كتير صدقني..و لا إن الناس كلها تشوفه..يكفي إني إرتحت في الكتابة هنا :)

نورتني و أسعدتني كالعادة

شيرين سامي يقول...

أحمد أحمد صالح:

أنا اللي بعجز عن الرد عليك صدقني :)
أشكرك بجد و ربنا يقدرني و أكون دايماً عند حسن ظنك بما أكتب.
الرواية تستحق القراءة
أنا كمان ماليش في القراءة الإلكترونية لولا إن الرواية خطفتني.

دايماً بتنورني و تشرفني بوجودك

شيرين سامي يقول...

نيساآن:

متكسليش بقى عشان منتظره رأيك :)

سعيده بوجودك يا نيسانه الجميلة

ميمونة يقول...

مبروووووووووووووووك المدونة الجديدة
الرواية جميلة جدا وبتعيش الانسان في حالة من الحب والتأمل والروحانية حتى لو كنت مختلف مع أغلب ما ذكر فيه اسلوب الكاتبة ساحر جدا ....
تحياتي ووحشتيني :))

حسين نور الدين يقول...

راقية جداً