الحياة مؤلمة
و الحقائق مؤلمة جداً
إعتدت أن أعيش على هامشها حتى لا تُشوّهني همومها و تزيد من الخطوط الرفيعه على حواف وجهي و تمنحني عبوس لا يخُصّني, إعتدت أن أضحك في كل الأحوال حتى لو سمعت خبراً سيئ أو خبر فَقد, أبكي ثم أنتهز أي رُبع فُرصة لأضحك ضحكة بلهاء من بين الدموع لا تُناسب الموقف, كنت الأسبوع الماضي في عزاء, لا أعرف لماذا كرهت أن أرتدي السواد فوضعت فوق ثوبي الأسود شال بلون السُكّر, سُكّر التموين لأكون أوضح, فلم أشعر بقبضة الكآبة التي عادة تُباغت المُعزّيّن, فالقلب لا ينقصه حُزن أو كآبة و قد أخذ نصيب وفير منهما.
أراقص الحياة رقصة غريبة, تُشبه المصارعة, غير أن لياقة حركاتنا تجعلها أشبه برقصة, تلسعني فأتأوّه و أنا أوجّه لها ضربة غير متوقّعه, تضحك فأعرف أنها تُخفي لي الكثير من الحُزن, تضُمّني, فأتحسس صدري في إنتظار الطعنة, ترميني على الأرض فأضحك بإنتشاء و أنهض لأنفّض عن نفسي غبار الفشل و أُكمِل الرقصة, تمسح على رأسي فأكاد أذوب من رقّتها و أنسى حركات الغدر السابقة..لكم تأسرني رقّة القاسي, تكون دائماً عند توقعاتي و تصرعني بضربة قاضية و أنا أقرب ما يكون للفردوس.
تؤلمني فأبكي سراً, و أحاول أن أرسم الإبتسامة جيداً فوق شفتي, الشماتة تؤلمني أكثر, تبعد فأقترب و أناوشها حتى تُعاود الإقتراب فأطلق سيقاني للريح هرباً منها, أحياناً أكرهها و أتمنى أن أنتهي منها أو تنتهي مِنّي بِسُرعة و بدون المزيد من الألم, لكني أتشبّث بلحظات سعادتي فيها, هذه اللحظات التي تُساوي عُمر و التي لولاها ما كُنت إستمررت في الرقصة, و تلك الحقائق التي أكرهها لولا خيوط الخيال التي تجذبني للسماء ما كنت إستسلمت لها.
لكن تأتي عليك مرحله غريبة و أنت في قاع الأسى, تجد نفسك تقف أمام الحياة دون خوف أو مقاومة أو مُجابهة, تقف هكذا خالي الوفاض من كُل شئ, لا تملك قلبك أو نفسك أو حتى إرادتك, لا تتألم من ضرباتها المتتالية, و من وقاحة غدرها و قُبح حقائقها, ثم فجأة تُصبح شفافاً أو طيفاً, حتى أنها تضربك ضربات لا تُصيبك مع أنّك أمامها تماماً, ثم تلمع روحك ببريق من اللاشئ, لا إنتظار لا حنين لا وجع لا أسئلة لا حيرة لا توقُّع لا لهفة, ثم تطيـــــر, تسبح في العالم الذي تتمنّاه و تأتيك الأصوات من عالمك القريب كأنها بعيدة جداً, لا تشعر إلّا بلذّة اللا شئ.
تقترب مِنّي في محاولة أخيرة لإسقاطي كجريحاً أو قتيلاً آخر..
فأخترقها بجموح و أنا أُردِد
لا إنتي و لا عَشرة زيّك
:)